عابر سبيل

 

شعر: أديب كمال الدين

 

 

 

كلّ عام

كانَ يدخلُ إلى المدينة

ليلتقي بشاعرٍ ما.

أول الأمر التقى بشاعرِ الغرابةِ والقهقهات،

شاعر يشبه نخلةً دون رأس.

كانت المدينةُ تطلّ على بحرِ المزابل.

ثم التقى بشاعرِ الضياع،

شاعر نصف عارٍ ونصف مجنون.

كانت المدينة

تطلّ على بحرِ الجوعِ والقسوةِ والعنف.

ثم التقى بشاعرِ الملوكِ الظَلَمة

فوجده قبيحاً بصلعته الكبيرة

ومسدسه الكبير

وسيل شتائمه الذي لا ينتهي.

كانت المدينة

تطلّ على بحرِ المدافع والقنابل والمشاعل.

وحين انتهت المدافع والقنابل والمشاعل

دخلَ المدينةَ من جديد

فالتقى بشاعرِ الغباءِ الأزليِّ والتفاهةِ المعاصرة

فوجده كلباً في هيئةِ دبّ

ووغداً في هيئةِ مهرّج.

كانت المدينة

تطلّ على بحرِ الجثثِ والفئران والأشباح.

تطلّ؟

لا!

بل كانت تغرقُ كلّ يوم

في بحرِ الجثثِ والفئران والأشباح.

ولذا كفَّ عابرُ السبيل

عن دخولِ المدينة

إلى أبدِ الآبدين!

 

 

 

الصفحة الرئيسية  

 

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة