كنتَ سعيداً بموتك

شعر: أديب كمال الدين

 

 

 في الوداع الأخير

أدهشتني كثرةُ مَن رثاك:

مَن ادعى محبّتكَ ليذرف دمعاً وحرفاً.

ولم أستطعْ أن أضيف إلى مأدبةِ الحزنِ شيئاً

فاكتفيتُ بصمتٍ فسيح.

ولكنني قبل أن أموت تذكّرتُك

- ولي في كلّ يومٍ موتٌ بليغ-

فقررتُ أن أنادي على نوح

علّه يسمعنا هذه المرّة

أو أنادي على حمامته أو غرابه

أو أنادي على مَن نجا في سفينته.

وقررتُ أن أنادي، كذلك،

على آلامكَ الباسلة:

أنادي على بودليرك

وعلى متنبّيكَ وسيّابك

وعلى خرابكَ الأزلي

وعلى حاناتكَ السبع

وخساراتكَ الشاسعة.

فاكتشفتُ أنكَ كنتَ سعيداً بموتك!

نعم، فلقد سحقكَ الصَلْب

وزلزلكَ الصليب

وأتعبكَ الحرفُ وخذلتكَ النقطة

وضيّعكَ المنفى وباعكَ البحر

وسرقكَ اللصوصُ والشعراءُ المؤدلَجون

وسط الصحراء الكبرى.

هكذا ارتبكتُ وأنا وسط الرقصة

وذهلتُ وأنا وسط الدمعة

حيث رأيتُ مشهدَ موتي

وحيداً

فريداً

إلا من التابوتِ الذي كان طويلاً

كسفينةِ نوح.

 

الصفحة الرئيسية  

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة