اركعْ فركعت

 

   شعر: أديب كمال الدين

  

1.

حينَ نظرتُ إلى ساعتي

لم أجدْ فيها أيّاماً ولا سنوات

بل وجدتُ فيها أنهاراً من الحلمِ والموسيقى والكلمات.

فحلمتُ ولعبتُ وكتبت

حتّى كدتُ أموت من الحلمِ والموسيقى والكلمات

حتّى كدتُ أموت من الغرق.

2.

حينَ طردتُ الموتَ من النافذة

دخلَ من الشباك.

وحينَ طردتُه من الشبّاك

دخلَ من النافذة.

هكذا خرجتُ من الباب

لأجدَ الموت

يحملُ سيفاً ودرعين

مسدساً وثلاثَ بنادق

ومدفعاً من النوعِ الثقيل. 

3.

حينَ احتضن الآباءُ أبناءَهم

والعشّاقُ حبيباتهم

والفجَرَةُ دنانيرهم،

لم أجدْ مَن يحتضنني إلّا الله

الذي قالَ: (اركعْ). فركعتُ.

فانشقَّ صدري وطارَ منه طائرُ الخوف.

وقالَ: (اسجدْ). فسجدتُ

على سجّادتي الصغيرةِ المُمزَّقة

حتّى تحوّلتُ إلى دمعة،

بل نقطة. 

4.

من الصباحِ إلى المساء،

ومن المساءِ إلى الصباح،

لعبَ الأطفالُ بكرةِ الفرح

وثيابِ العيدِ الزاهية.

أمّا أنا فلم أجدْ ما ألعبُ به

سوى الحروف:

حروف زاهية كعيدٍ غامضٍ عجيب.

5.

ولكنْ، كيف تحوّلت الحروفُ هكذا؟

كيفَ تحوّلتْ حاءُ الحرّيّةِ إلى حاءِ الحرب،

وسينُ السّرِّ إلى سينِ سقوطِ الأسنان،

وميمُ المُرادِ إلى ميمِ الموت؟

6.

حينَ نظرتُ إلى ساعتي

لم أجدْ فيها أيّاماً ولا سنوات

بل وجدتُ فيها أنهاراً من ميماتِ الموت

وواواتِ الموت

وتاءاتِ الموت.

فبكيتُ شبابي وشموخي وشروخي

وبكيتُ شكوكي.

7.

نظرَ اللهُ إليَّ وقالَ: (انهضْ). فنهضتُ.

وقالَ: (اركعْ). فركعتُ.

فانشقَّ صدري

وطارَ منه طائرُ الموت

كغيمةِ حزنٍ زرقاء،

كغيمةِ حزنٍ كبرى. 

 

 

****************

تخطيط: الفنان عامر رشاد                                     

 

  

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home