الملك المسكين

  شعر: أديب كمال الدين

 

 1.

لأنني لا أصلح لأيّة مهنةٍ غير عشق الحروف،

لذا اختارتني الحروف

لأكون ملكاً لها.

ومع أنّ الأمرَ كانَ مسليّاً في البدء

لكنّه لم يكنْ في النهاية.

ففي يومٍ ممطرٍ

أخبرتني الحروفُ أنني يجب

أنْ أفتتحَ متحفَها الجديد

وأنْ أستقبلَ الكثيرَ من المدعوّين

وأنْ ألبسَ الملابسَ الرسمية.

لم أستطعْ الرفض

لأنّ الدعوة جاءتْ من أحبائي،

من صميمِ قلوبِ أحبائي.

 

2.

كانَ المتحفُ يَغُصُّ بالحروف:

حروف عربيّة وإنكليزيّة وصينيّة وهنديّة.

مئات من الحروف:

الحيّة والمنقرضة،

الطيّبة والشرّيرة،

الطويلة والقصيرة،

السمينة والنحيفة،

ذوات الأقدام وذوات الأسنان وذوات الآذان.

لكنّ حرفي،

أعني حرف الألف،

لم يكنْ حاضراً

وحين سألتُ عنه

وعن سرِّ غيابه،

لم أحظَ بجوابٍ يشفي الغليل.

بعضُ الحروفِ قال:

إنّ الألفَ يكرهُ المتاحف.

وقالَ الآخرُ: إنه يكرهُ الحروفَ الشريرة

وهي كثيرةٌ هنا للأسف.

وقالَ الثالث: البارحة

رأيتُ الألفَ يبكي في مستشفى الغرباء

ويسألُ في ألمٍ فادحٍ:

ما الذي جاءَ بهذا الملك المسكين

إلى هذه المهزلة؟

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home