قصيدتي الجديدة

شعر: أديب كمال الدين

 

أعطيتُ قصيدتي الجديدة

بأصابع الارتباكِ والرغبة

إلى الحسناءِ الجالسةِ بجانبي في الباص.

قلتُ لها: ضعيها بين النهدين

لتتعرّفي إلى سرِّ القصيدة

ومعناها الأزليّ.

لم تأبه الحسناءُ لكلامي

وتشاغلتْ بحقيبتها الحمراء

وهاتفها الصغيرِ المليء بالمواعيد.

ثُمَّ أعطيتُ قصيدتي الجديدة

للطفلِ الذي يلعبُ في الحديقةِ العامّة.

قلتُ له: العبْ معها

ولكَ أن تصنعَ منها لُعَبَاً لا تنتهي

بألوان قوسِ قزحٍ لا حدّ لها.

فصرخَ الطفلُ باكياً

وولّى بعيداً.

ثُمَّ أعطيتُ القصيدةَ للنهر

قلتُ له: خذْها

إنّها ابنتكَ أيضاً،

أيّها الإله المُلقى على الأرض،

باركْ سرَّها

وتعرّفْ إلى معناها الأزليّ

أيّها الأزليّ.

لكنَّ النهرَ ظلَّ يحلمُ ويحلم

مُحدّقاً في الأقاصي البعيدة

دونَ أن يعيرَ كلامي انتباهاً.

وحدهُ الشرطيّ اقتربَ منّي

وصاحَ بصوتٍ أجشّ:

* ماذا في يدك؟

قلتُ: قصيدةٌ جديدة.

* فماذا تقولُ فيها؟

قلتُ: اقرأها لتتعرّفَ إلى سرِّها ومعناها.

فأخذَها منّي

ودخلَ غرفته السوداء،

دخلَ ليربطَ القصيدةَ إلى كرسيّ حديديّ

ويبدأ بجَلْدِها بسوطٍ طويل

ثُمَّ أخذَ يضربها بأخمصِ المسدس

على رأسِها

حتّى نزفت القصيدةُ حروفاً كثيرة

ونقاطاً أكثر

دونَ أن تعترفَ بسرِّها ومعناها.

 

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home