ما اسمكَ أيّها الحرف؟

شعر: أديب كمال الدين

 

 

ما اسمك؟

قلتُ للحرفِ في مساءٍ شديد الظلام.

قالَ: بعد هذي السنين الطوال

والانتقال العجيب

من منفى إلى آخر

ومن شظيّةٍ إلى أخرى

بل من زلزلةٍ إلى أخرى،

وأنتَ لا تعرفني؟

قلتُ، كَمَن يتصنّعُ الهدوء،

لا.

قال: كيف؟

ألم تكتب المئات من القصائد

لتصف الحرفَ وعرشه

وأساطيره وشموسه وفراته؟

ألستَ الذي يُدعى بالحُروفيّ

أو ملك الحُروف

أو النُقطويّ أو الطلسميّ؟

قلتُ: لا أدري.

قال: إذنْ خذْها منّي،

يا شبيهي المُعذّب بالموتِ والارتباك،

أنا الحاء

حلمكَ الباذخ بالحُبّ

أيّها المحروم حدّ اللعنة،

حلمكَ المُتشظّي بالحرّية

أيّها المنفيّ إلى الأبد،

وأنا الباء بسمَلَتك

أعني جمرتكَ التي لم تزلْ

شوكةً في قلبك،

وأنا النون: بئركَ الأولى

وعنوانكَ المستحيل،

وأنا السين:

طفولتكَ التي ضيّعتَها باكياً

مع دشداشتك اليتيمة

ودراهمك السبع على بابِ بغداد

ومحراب بابل.

قلتُ: وماذا بعد؟

قال: أنا الألف:

جرحكَ الممهور بالدمِ والندم

وأنا النقطة:

نبضكَ الذي يولدُ كلّ يوم

في ثوبٍ جديد

ورقصٍ جديد

وعُري جديد

وموتٍ  جديد

حيّرَ الأوّلين والآخِرين!

 

 

 

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

 

الصفحة الرئيسية