حوار

شعر: أديب كمال الدين

 

(1)

حين طرقتُ بوابةَ مقصورةِ الطيّار

قالَ الطيّارُ بهدوء:

ماذا تريد؟

هذه رحلةٌ مليئةٌ بالمحاذير

وستستمرُ دونما توقّف.

ولكنْ كيفَ دخلتَ هنا؟

قلتُ بصوتٍ مرتبكٍ: بالصدفة!

قال: إنْ أردتَ أن تتكيّف

مع مأساتكَ الطائرة،

فتذكّرْ أننا يوماً ما

سنسقطُ في البحر

أنا وأنتَ والطائرة!

بالأدق:

أنتَ والطائرة!

بالأدق:

أنتَ فقط!

(2)

ثمّ قالَ الطيّار

بعد أنْ تأمّل مشهدَ النجوم

الذي كان يتّسعُ ويتّسع:

هذه رحلةٌ مليئةٌ بالمتاعب.

لا تحزنْ إنْ وجدتَ

معطفكَ يحترقُ دونما سبب،

ولا ترتبكْ

إنْ سرقوا جوازَ سفركَ أو نقودك

أو نبضكَ أو حتّى اسمك،

ولا تبكِ إنْ أخبروك

بأنّ المدينةَ التي حلمتَ بها

طوال عمرك

قد غرقتْ واختفتْ منذ طوفان نوح

أو أنّ المرأةَ التي تُحبّ وتعشق

أضحتْ هباءً منثوراً

أو أنّ هذه الطائرة التي لا تكفّ

عن الطيران

منذ مليون عام

ستسقطُ عمّا قريب

وسط المحيط.

(3)

الآن

أجلسْ في مكانك:

الكرسي الأخير على اليمين.

ولأنّ رحلتنا أبديّة

حاولْ أنْ تُغنّي

إنْ كنتَ تستطيع الغناء

أو أنْ تُصلّي

إن كنتَ تستطيع الصلاة

أو تتكلّم مع النافذة

حيث الليلُ يتّسعُ ويتّسع

ومشهدُ النجومِ يتّسعُ ويتّسع.

وإذا كنتَ محظوظاً بما يكفي

 

فحاولْ أن تنام!

 

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home