جمجمة

 

شعر: أديب كمال الدين

 
 

 

كلّما حاصرَ الشاعرَ الخوفُ أو الملل

أو خَطَرَ له خاطرٌ من الشوق لماضٍ قتيل،

أسرعَ ليقرأ في كتابِ مجنونٍ حكيم.

مجنون حكيم متهم بالغواية

والهذيان المركّز،

ومتهم بقتلِ نفسه

بسكّين طفولته الحافية،

ومتهم بقتلِ أبيه

وصاحبته وبنيه،

ومتهم، كذلك، بقتلِ ذاكرته

ذات الألف ثقب وثقب.

كان الكتابُ كبيراً

وسطوره مكتوبة بلغتين: ميتة ومنقرضة.

لكنْ حين أخذ الشاعرُ الكتابَ معه

إلى البلدِ البعيد

صارتْ سطورُه مكتوبةً بالدمِ والفحم

والصراخِ العجيب.

بل إنّ الكتاب

تحوّلَ في مساءٍ مركّز

إلى جمجمة!

ليس مِن خيارٍ إذن:

لبسَ الشاعرُ الجمجمة!

فصارَ خوفُه ومللُه وشوقُه

جماجمَ صغيرةً مكتوبةً بلسانٍ عربيّ مبين!

 

 

الصفحة الرئيسية  

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة