رسالة الحروف

 

 

   شعر: أديب كمال الدين

   

 

 

 

  

1. 

أيّتها الرسالة: مَتى تَصِلِين؟

مَتى تفتحين عليَّ الباب

لتمسحي عن حروفي الأنين

وعن نقاطي الدموع؟ 

2. 

كم انتظرتكِ!

مرّتْ طيورُ الطفولةِ ولم تَصِلِي.

ومرّتْ طيورُ الصبا

وطيورُ الشباب

وطيورُ الدهور

وأنتِ لا تنعمين عليّ بريشِكِ

ولا بمنقاركِ الدافئ الصغير. 

3. 

آ..........غموضُكِ أذهلَ روحي

فتطلسمتُ في حروفكِ،

وتنقّطتُ بدمكِ المسفوح

وبكيتُ في غرفتكِ العاريةِ وثيابكِ العارية. 

4. 

يا رسالتي: مَن أنتِ؟

ومَن كتبك؟

5. 

أخافُ أنْ أموت دونَ أنْ أقرأ

سينَكِ الكبرى

ولامَكِ المُقدّسة العظمى! 

6. 

يا رسالتي المُحترقة كباخرةٍ مُحترقة

دمعتي حاصرتني

حينَ تذكرتُ موتَ ساعي البريد. 

7. 

أرجوكِ

تعبتُ من الرجاء

فَلُمّي حطامي.

وبدّدي ذكراي

بأزرقكِ وأحمرك

وطوابعكِ ذات الطواويس. 

8. 

يا رسالتي

قيلَ إنَّ في ظرفكِ شمسي

فتعجّبتُ.

وقيلَ إنَّ فيه طالعي

فدُهِشتُ

بل قيلَ إنَّ ملائكتي قد دخلتْ فيه

لتحتفلَ بغموضِكِ القادمِ ليبدِّدَ وضوحي

فجُننتُ!  

9. 

آ..........

قُوديني إليك

كما يقودُ المبصرُ أعمى إلى الفرات

ليسبحَ فيه

ويبصر طفولته العذبة

وشموسه المنطفئة وسطَ النخيلِ وصيحاتِ البطّ. 

10. 

أيّا يكونُ مُرسلكِ... تعالَي.

أيّا يكونُ مُرسلكِ: حيّاً أو ميّتاً،

ضائعاً، غريقاً، مرميّاً في المجاهيل... تعالَي.

فلقد سفحتُ

أربعين عاماً

أنتظرُ قدومَكِ المفاجئ عندَ ضفاف الأنهار

وعندَ خضرة الأولياءِ وحنّة حيطانهم 

وعندَ دموع طسم والم وكهيعص. 

11. 

يا أعجوبتي الضائعة في بريدِ اللامعنى، 

يا مغنّيتي التي أشعلتْ قلبي بذكرى الربيعِ الميّت 

وذكرى طيران الأساطير وانتحارها في الأزقّة،

كيف ينبغي لي أنْ أخاطبكِ

لأوهمكِ بصدقي

وأصدقكِ بوهمي؟ 

12. 

يا نقطتي التي لم تصلْ بعدَ أربعين موتاً

من التعلّقِ بقشّةِ الحروف

ها أنذا أجلسُ في نَفْسي درويشاً أعمى

مُتمترساً في غيبتي ووسوستي 

أنتظركِ

وأنتظركِ

وأنتظرك. 

13. 

يا رسالتي

إنْ لم تَصِلِي فسوفَ أسوّفُ سينَكِ،

وألمّ لامنا وآلامنا في قارورةِ العبث 

ثُمَّ أذروها في راءِ فراتِ طفولتي

إلى أنْ أموت!

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home