جُثّة في البئر

 

 شعر: أديب كمال الدين

 

 

 

1.

كنّا أولاداً

ولنا أب شيخ

حينَ غيّبه الموت،

لم يتركْ لنا شيئاً

سوى بئرٍ طيّبة الماء.

غيرَ أنّ أحدنا،

لسببٍ ما، بالَ في البئر.

فضربه إخوته حتّى كادوا أنْ يهلكوه.

قلتُ لهم: لا بأس

لم يزل الماءُ نقيّاً

فالبئرُ، كما أظنُّ، تجدّدُ ماءَها

والصحراءُ التي تحيطُ بنا من كلِّ صوب

لا ترحم.

2

مرّتْ سنواتٌ وسنوات

حتّى صارَ أخونا رجلاً.

غير أنّه لم يزلْ يبول في البئرِ كلّ يوم

حتّى إذا أمسكَ به إخوته هذي المرّة

لم يتركوه إلّا جُثّةً هامدة

ألقوا بها في البئر

وبقوا يشربون من البئر.

فالبئر، كما يظنّون، تجدّد ماءها

والصحراء التي تحيطُ بهم من كلِّ صوب

لا ترحم.

3

أمّا أنا فاخترتُ الصحراءَ هذه المَرّة.

قلتُ لنفسي

وأنا ألفظُ آخرَ أنفاسي:

نعم

العطشُ أرحم.

الموتُ - أعني الصحراء-  أرحم!

 

 


 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home