أصدقائي الأوغاد والمنفيّون والسذّج

شعر: أديب كمال الدين

 

 

.1

حينَ جلستُ إلى الساعة،

كانت الساعةُ شابّاً مقتولاً

قربَ كنيسةِ أحزان العالم.

جاءَ أصدقائي الأوغادُ والمنفيّون والسذّج

ووضعوا صليباً خشبيّاً

قربَ دماءِ الجُثّة

ووضعوا ورداً لا اسم له

وآساً وفاكهةً مُعفّرةً بالتراب.

قالوا: مَن هذا المقتول؟

وما معنى الساعة؟

2.

حينَ جلستُ إلى المرأة،

كانتْ جسداً بَضّاً

من عسلِ الوحلِ وريشِ البومة.

كانتْ ملآنةً بالعُريّ الذهبيّ

وبالعُريّ الفضيّ

وبالعُريّ الأسْوَد.

جاءَ أصدقائي الأوغادُ والمنفيّون والسذّج،

قالوا: ما معنى المرأة؟

وكيفَ يكونُ العريُ أسْوَد؟

3.

كيفَ يكونُ اللحنُ على هذا الحال؟

كيفَ سأصفُ، اللحظة، موتي الأبديّ

وضياعي في جسدٍ من لعنةِ الحُبّ

وعذاباتِ الرغبةِ والشوق؟

كيفَ يكون الحالُ على هذا المنوال؟

من غيمتي الصغرى،

أعني من غيمتي الخضراء

إلى درجٍ يمضي إلى مأساةٍ من عسلِ الوحل،

إلى درجٍ يمضي حتّى الأسفل

ليلامسَ أياماً تتطايرُ كالريش،

إلى درجٍ يمضي

حتّى جُثّة ذاك الشاب المقتول

وصيحات صليبه الخشبيّ

وفواكه قلبه المُعفّرة بالتراب.

آ. . .

كيفَ يكون –

يا مَن قالَ: "كنْ فيكون" –

مقتولاً جئتُ إلى الدنيا

وسأغادرها مقتولاً أيضاً؟

4.

لا

لا

سأعيدُ كتابةَ هذا النصّ!

فلقد احتجَّ أصدقائي الأوغادُ والمنفيّون والسذّج

على العنوان:

جاءوا في الليل،

قلعوا الصليبَ الخشبيّ

ووضعوا تراباً فوقَ دمي المتناثر.

وحاولَ بعضٌ منهم

أنْ يأكلَ فاكهتي المُلقاةَ على الأرض.

واحتجّوا على متنِ النصّ:

أخرجَ أوّلهم سكّيناً ليهددني

وقامَ الآخرُ بشتمي

وقامَ الثالثُ بكتابةِ تقريرٍ سحريّ أو سرّيّ

عن غيمتي الخضراء

ودرجي الهابط إلى الأسفل

وأيّامي: أيّام الريش.

5.

بعدَ سنين من كتابةِ نَصّي هذا

قُتِلتُ قربَ نهرٍ ميّت

في آخر قارّاتِ العالم.

جاءَ أصدقائي الأوغادُ والمنفيّون والسذّج

حملوني في تابوتٍ أسْوَد،

حفروا الأرضَ ووضعوني فيها.

قالوا: لم نفهمْ ما قال!

كانَ يكتبُ حروفاً ونقاطاً صوفيّة

ويصفُ الدنيا كسريرِ امرأةٍ من عسلِ الوحل

ويصفُ المنفى ككتابِ مجانين وعُراة!

أحياناً يضحكُ من فوق الدرج ليقول:

هذا درجٌ يمضي حتّى الغيمة

أو حتّى أيام الريش!

أحياناً يتحدّثُ عن عُريّ ذهبيّ

أو فضيّ أو حتّى أسْوَد!

قالوا: لم نفهمْ!

هل كانَ إلهيّاً أم كانَ خرافيّاً؟

إنسيّاً أم جنّيّاً؟

 

 

 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home