ساحر

 

 شعر: أديب كمال الدين

 

 

  

حينَ افترشَ الأرض

وأخذَ يعزفُ موسيقاه الشجيّة،

بدأ بعزفِ الطفولة

فتساقطتْ من حوله بالوناتُ الأعياد

والفراشاتُ المُلوّنة.

وحينَ بدأ بعزفِ الربيع

تساقطتْ من حوله الأثمارُ والأزهار.

وحينَ بدأ بعزفِ الصيف

تساقطتْ من حوله صيحاتُ مراكبِ البحر

وملابسُ النساءِ وضحكاتهنّ ومَراياهنّ الصغيرة.

وحينَ بدأ بعزفِ الخريف

اظلمّت السماءُ واكفهرّتْ

وأحاطتْ به عواصفُ البرقِ والألم.

لكنّه حينَ عزفَ الموت

ذُهِلَ على الفور

إذ أحاطتْ به مئاتُ الجُثث

من كلِّ جانب

وبدأتْ ترقصُ رقصةَ العذابِ الكبرى.

ارتبكَ الموسيقيّ

بل أصابهُ الفزع

ودمعتْ عيناه

بل أجهشَ في البكاء

وأخذَ يعتذرُ بحرارةٍ إلى الجُثث.

لكنَّ الجُثث لم تفهمْ

أيَّ كلمةٍ من كلماته

واستمرتْ ترقصُ وترقص!

 


 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home