محاولة في الموسيقى

 

شعر: أديب كمال الدين

 

 1.

الموسيقى تهبطُ تهبطُ

طيراً وعنقودَ عنبٍ وشلّالَ ماء.

فيطيرُ قلبي مع الطير

لكنَّ يدي لا تمسكه.

ويلامسُ العنقودُ شفاهي

لكنْ لا سكين حُبٍّ تقطعُ فراغنا الجارح.

والشلّالُ يأتيني فأكونُ الماء لألقاه

لكنّي أصطدم بصخرته الكبيرة

وأغرق.

2.

حتّى الحروف صارتْ تتعبني.

فهي الوحيدة التي تزورني في وحشتي الكبرى

دونَ أنْ تحمل في يدها باقةَ شمس

أو حفنةَ قمر

أو قُبلات ريش.

3.

الكلُّ يتبرقعُ بثيابِ غيره...

إلّاي.

ولما لم أجدْ ما أتبرقعُ به

خرجتُ إلى الشارعِ عارياً،

عارياً تماماً!

4.

الموسيقى تهبطُ بلاماتٍ عذبةٍ كشفاه الأطفال

وراءاتٍ تزقزقُ وسيناتٍ توسوس

وندى من نونات.

5.

الموسيقى تجيء

فأقومُ من الموتِ إليها

لنلتقي طفلين يتيمين

يتحسّران على أرجوحةِ العيد.

6.

منذُ أنْ تعرّفتُ إلى دمي

وجدتُه مُحاصراً بالطيور.

ومنذُ أنْ تعرّفتُ إلى قلبي

وجدتُه مُمتلئاً بالأبجديات.

7.

السعادةُ راقصةُ باليه

والحزنُ بدويٌّ يفترشُ الأرض

ليعزفَ على الربابة.

8.

أعجبني موتي

وحينَ حاولتُ أنْ أكرّره

جننت!

9.

الموسيقى تهبطُ... تهبط

والروحُ تضيعُ.. .. .. .. وتمّحي.

10.

الموسيقى تذوبُ كما تذوبُ الفضّة

وتنامُ كما ينامُ العُشّاقُ الذين أتعبهم طول الفراق

ووطأة الهجر.

الموسيقى تتألقُ فتحوّلُ الأحزانَ إلى حاء

وتحوّلُ الحاءَ إلى حرّيّة

ترقصُ كما يرقصُ الجنّي.

11.

يا للجمال!

الموسيقى تتموسق

والحروفُ تتألّق.

12.

يفرحُ الثريُّ بجواري الفنادق،

ويفرحُ المغنّي بدنانير الملاهي،

ويفرحُ زيرُ النساءِ بعشيقته الجديدة.

أما أنا فكالموسيقى

لا أفرحُ إلّا بنَفْسي

ولا أندمجُ إلّا بنقاطي وحروفي.

13.

إلى متى يُعذّبني نزيفُ الحروف:

احتجاجُ الحاءات،

وضياعُ الراءاتِ في ذكرى المدنِ الضائعة،

ونفاقُ السينات،

وانكفاءُ الباءاتِ حتّى الموت؟

يا إلهي...

إلى متى يُعذّبني نزيفُ الحروف؟

 

 

 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home