الغراب

 

   شعر: أديب كمال الدين

   

 

  

 

1.

حينَ مرَّ الغرابُ من فوقِ رأسِ الموت

قال: أنا الغراب.

قال الموتُ: ثُمَّ ماذا؟

قال الغرابُ: أنا الغرابُ الأسْوَد!

فضحكَ الموتُ وقال: أنتَ بالنسبةِ لي

أكثر بياضاً من الثلج!

2.

البارحة تذكّرتُكِ

أنتِ التي لا اسم لكِ ولا عنوان،

أنتِ التي نسيتُكِ قبلَ بدء الطوفان

فرقصتُ من دونِ يدين

ولا قدمين.

3.

حينَ حملوا جسدي عارياً إليك

ضحكَ الناسُ من بياضِ قلبي

وسوادِ جُثّتي.

4.

موسيقى الألمِ لا تُنْسَى

وأكاذيبُ الحُبِّ حقيقيةٌ كقُبْلةِ مُراهق.

5.

لماذا يطاردكِ الزمن؟

ألأنّكِ تملكين ثديين مِن الرمّان

وبطناً مِن العاج

وعينين ضيّقتين كقاربٍ جنوبيّ

ومصيراً يشبهُ مصير الغراب؟

6.

الموسيقى عزفتْ مصيرنا.

لم يكنْ هناك الكثيرُ مِن الألوان: 

كانَ هناكَ أسْوَد كالدم

وأبيض كالدمِ أيضاً.

7.

مَن أنتِ أيّتها الضائعة؟

سمّيتُكِ النون وكنتُ مُخطئاً.

سمّيتُكِ الباء وكنتُ مَجنوناً.

سمّيتُكِ الحاء وكنتُ مَحظوظاً

لأنّني لم أزلْ أحمل رأسي حتّى الآن

 فوقَ كتفي.

8.

ها أنذا أعود إلى الشِّعْر

مثل كلّ مَرّة

بسببكِ أنت.

أعودُ لأشاهدَ حروفي

يضربها الزمنُ بسوطه العظيم.

أعود لأرى نقطتي الكبرى التي تشبهُ مدينةً كبرى

تضيع وسطَ البحر.

9.

قُبلاتُكِ لم تصلْ.

ربّما لأنّ ساعي البريد كانَ يشعرُ بالغيرةِ منّي.

ربّما لأنّ لغتكِ بيضاء جدّاً كالغُراب.

10.

قُبلاتُكِ لم تصلْ

رغمَ أنّ عنقكِ كانَ دافئاً

نعم، فلقد كنتِ في صيفكِ الملآنِ بالأسرار.

11.

كنتِ مليئة بالموسيقى،

مقمرة كليلةِ صيف،

طيّعة كجوهرةٍ تضيءُ في الظلام،

ساذجة كببغاء تلثغ،

وخرقاء كضحكةِ مجنون.

12.

أنتِ مَن علّمني الرقص:

الرقص فوقَ جثثِ الحروف

وركام الساعات الكبيرة المُحترقة.

13.

أنتِ غرابي.

كانَ ينبغي أنْ أقولها في بدءِ القصيدة

لأُريحَ وأستريح.

 

  

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home