أحبّكِ كما أحبّك

 

 

  شعر: أديب كمال الدين

 

 

 

 

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّكِ

كما يحُبّ الجلّادُ المشنقة.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

فأنا أحبّك

كما أحبَّ نُوح سفينتَه الغامضة.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما أحبَّ إبراهيمُ الخليلُ النارَ التي أُلقِيَ فيها.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كلّما اشتعلَ الرأسُ شيباً.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يحُبّ الألفُ تفرّده

والنون نقطته.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

رغم أنّ وجهكِ متلبّس أبداً

بقناعٍ مِن المساحيق لا يمّحي.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

رغم أنّ مواعيدكِ البخيلة قد تحوّلتْ

إلى أسطورةٍ هدّدتْ سريري بالطوفان.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يحُبّ الوليُّ طريقاً

يعرفُ أنّ هلاكه سيكون في خاتمته.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يحُبّ الطفلُ صباحَ العيد.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يحُبّ الموتُ الجسدَ الجميل.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحُبّك

كما يحُبّ الربيعُ أوّلَ نحلةٍ تقولُ له :

(صباح الخير أيّها الرجل المُشمِس).

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يحُبّ الخريفُ آخرَ ورقةٍ يُسقطها

مِن الشجرةِ الكبيرة.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يعلنُ الطبيبُ للمريض

أنّ حالته لا شفاء لها أبداً.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يباغتُ الرصاصُ الشاعرَ

وهو يكتبُ قصيدتَه الخطيرة.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يُفاجأ القاتلُ مُتلبّساً بجريمته

ومُلطَّخاً بدماءِ ضحيته.

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يُهجَمُ على العاشقِ العاري

وهو يركعُ أمامَ حبيبته ليقول لها:

(أحبّك).

*

مِن العجيبِ أنْ أحبّكِ كما أحبّك

لأنّي أحبّك

كما يُعْلَنُ للتاجرِ خبرُ إفلاسه

وللنهرِ خبرُ تشقّق جسده

وللجسرِ خبرُ إزالة أقدامه المغروسة وسط الماء

وللطيرِ خبرُ بيع بيضه في السوق

وللأعمى خبرُ ضياع عصاه

وللوليّ خبرُ قتْل مريديه جميعاً.

****************************************

جميع الحقوق محفوظة

 

الصفحة الرئيسية